مشروع السودان للعمل الديمقراطي

ورقة سياسات: بناء استراتيجية وطنية لمكافحة خطاب الكراهية المبني على الهوية العرقية والقبلية في السودان

يُعدّ خطاب الكراهية المبني على الهوية العرقية والقبلية من أخطر العوامل المغذية للعنف والنزاعات المسلحة في السودان، متجاوزاً كونه مجرد تعبير لفظي ليصبح سلاحاً سياسياً استراتيجياً يُستخدم لتأجيج الانقسامات وتبرير الفظائع. ومع تصاعد الحرب الراهنة التي اندلعت في أبريل 2023، شهد هذا الخطاب انتشارًا غير مسبوق، خاصة عبر منصات التواصل الاجتماعي، مهددًا تماسك النسيج الاجتماعي الهش ومعقّدًا لمساعي التفاوض والسلام. تُقدم هذه الورقة تحليلاً معمقاً لظاهرة خطاب الكراهية في السودان، مستندة إلى مراجعة شاملة للتقارير الصادرة عن المنظمات الدولية والباحثين، بالإضافة إلى تحليل كمي ونوعي لـ 213 منشوراً من فيسبوك، وإكس، وتيك توك خلال الفترة من 15 أبريل 2023 إلى 15 مايو 2024، وتصنيفها باستخدام نماذج الذكاء الاصطناعي، حيث كشفت نتائجنا عن انتشار واسع لخطاب الكراهية المبني على الانتماء القبلي والعرقي، مع تصنيف 55.87% من المنشورات التي تم تحليلها على أنها تحتوي على خطاب كراهية مع انتشاراً مقلقا للمصطلحات الهوياتية والاتهامات المتبادلة التي تُجرد الخصوم من إنسانيتهم. انعكست هذه النتائج على تنامٍ واضح في التقارير وإطلاق النداءات الدولية والإقليمية التي تهتم وتراقب انتشار هذا النوع من الخطاب وارتباطه بالعنف والحروب. خلصت الدراسة إلى أن غياب إطار قانوني رادع، وضعف الإرادة الرسمية والشعبية، وقصور آليات الرصد الفعالة، أسهمت مجتمعةً في تفاقم انتشار هذا الخطاب. بناءً على ذلك، تُوصي الورقة بتبني استراتيجية وطنية شاملة لمكافحة خطاب الكراهية ترتكز على إطلاق إطار قانوني وتشريعي محكم يتضمن تعريفاً واضحاً لخطاب الكراهية منطلقا من الخصوصية السودانية، مع تكثيف الحملات التوعوية لرفع الوعي لدى المواطنين والإعلاميين ومنظمات المجتمع المدني لمكافحته. مع الاهتمام برصد وتحليل هذا الخطاب باستخدام أدوات متقدمة وتقنيات الذكاء الاصطناعي لتوفير آليات إنذار مبكر لبؤر انتشاره والتبليغ الفوري عن الفاعلين الرئيسيين.


شارك
arArabic