توفر الحوارات الرقمية مساحة للمواطنين للمشاركة الفاعلة في صنع السياسات من خلال التطبيقات، والمواقع الإلكترونية، والمنتديات عبر الإنترنت، شريطة وجود بيئة سياسية تمكينية. وتكتسب هذه الحوارات أهمية خاصة في السودان في الوقت الراهن نظرًا لأزمة النزوح الحالية، حيث بلغ عدد النازحين 13 مليون شخص داخل السودان وخارجه (المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، 2025). كما أنها تُعد وسيلة واعدة لمعالجة ضعف مشاركة المواطنين في الحكم، والرمزية الشكلية للمشاركة، وضعف الثقة العامة. علاوة على ذلك، يمكن أن تسهم الحوارات الرقمية في سد الفجوة بين المناصرة المحلية والسياسات القابلة للتنفيذ من خلال تعزيز الشراكات بين القطاعين العام والمجتمع المدني. وعلى الرغم من التحديات الكبيرة التي تواجه تنفيذ هذه الحوارات في السياق السوداني، مثل انخفاض الوعي الرقمي، وضعف المؤسسات، وارتفاع مستويات الاستبداد الرقمي، فإننا نرى في هذه الورقة أن هذه المنصات، إذا صُممت ونُفذت بشكل صحيح في سياق ما بعد النزاع مع توفر الإرادة السياسية للتغيير وثقة كافية من المواطنين، يمكن أن تساهم تدريجيًا في ترسيخ الحوكمة الشاملة والمعايير الديمقراطية في السودان. ندعو إلى إطلاق حوار رقمي وطني في السودان لما بعد النزاع، يركز على المشاورات الموضوعية والنقاش حول الأولويات الوطنية. ويجب أن تركز المنصة على الشمولية والشفافية من خلال نماذج نشر هجينة على مستويين، مع التأكيد على التنفيذ الحذر لتجنب الإخفاق، إذ إن محاولة فاشلة قد تؤدي إلى تأثير سلبي كبير على ثقة الجمهور.



